والمقسم عليه قوله: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ أي: تام الخلق، متناسب الأعضاء، منتصب القامة، لم يفقد مما يحتاج إليه ظاهرًا أو باطنًا شيئًا، ومع هذه النعم العظيمة، التي ينبغي منه القيام بشكرها، فأكثر الخلق منحرفون عن شكر المنعم، مشتغلون باللهو واللعب، قد رضوا لأنفسهم بأسافل الأمور، وسفساف الأخلاق.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وجملة: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ.... وما عطف عليه جواب القسم.أى: وحق التين الذي هو أحسن الثمار، صورة وطعما وفائدة، وحق الزيتون الذي يكفى الناس حوائج طعامهم وإضاءتهم، وحق هذا البلد الأمين، وهو مكة المكرمة، وحق طور سنين الذي كلم الله- تعالى- عليه نبيه موسى تكليما ... وحق هذه الأشياء ... لقد خلقنا الإنسان في أعدل قامة، وأجمل صورة، وأحسن هيئة، ومنحناه بعد ذلك ما لم نمنحه لغيره، من بيان فصيح، ومن عقل راجح، ومن علم واسع، ومن إرادة وقدرة على تحقيق ما يبتغيه في هذه الحياة، بإذننا ومشيئتنا.والتقويم في الأصل: تصيير الشيء على الصورة التي ينبغي أن يكون عليها في التعديل والتركيب. تقول: قومت الشيء تقويما، إذا جعلته على أحسن الوجوه التي ينبغي أن يكون عليها ... في التعديل والتركيب. تقول: قومت الشيء تقويما، إذا جعلته على أحسن الوجوه التي ينبغي أن يكون عليها ... وهذا الحسن يشمل الظاهر والباطن للإنسان ...والمراد بالإنسان هنا: جنسه. أى: لقد خلقنا- بقدرتنا وحكمتنا- جنس الإنسان في أكمل صورة، وأحكم عقل ...
﴿ تفسير البغوي ﴾
والمقسم عليه قوله "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" أي: أعدل قامة وأحسن صورة، وذلك أنه خلق كل حيوان منكباً على وجهه إلا الإنسان خلقه مديد القامة، يتناول مأكوله بيده، مزيناً بالعقل والتمييز.