﴿ ونـزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ فتبقى قلوبهم سالمة من كل دغل وحسد متصافية متحابة إخوانا على سرر متقابلين دل ذلك على تزاورهم واجتماعهم وحسن أدبهم فيما بينهم في كون كل منهم مقابلا للآخر لا مستدبرا له متكئين على تلك السرر المزينة بالفرش واللؤلؤ وأنواع الجواهر.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين - سبحانه - ما هم عليه فى الجنة من صفاء نفسى ، ونقاء قلبى فقال : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً على سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ) .والنزع : القلع يقال : نزع فلان هذا الشىء من مكانه إذا قلعه منه ، وفعله من باب ضرب والغل : الحقد والضغينة ، وأصله من الغلالة ، وهى ما يلبس بين الثوبين : الشعار والدثار .أو من الغلل وهو الماء المتخلل بين الأشجار . ويقال : غل صدر فلان يغل - بالكسر - غلا إذا كان ذا غش ، أو ضغن ، أو حقد .والسرر : جمع سرير وهو المكان المهيأ لراحة الجالس عليه وإدخال السرور على قلبه .أى : وقلعنا ما فى صدور هؤلاء المتقين من ضغائن وعداوات كانت موجودة فيها فى الدنيا ، وجعلناهم يدخلون الجنة إخوانًا متحابين متصافين ، ويجلسون متقابلين ، على سرر مهيأة لراحتهم ورفاهيتهم وإدخال السرور على نفوسهم .وقوله : ( إِخْوَاناً على سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ) حال عن فاعل ( ادخلوها ) .وعبر بقوله ( متقابلين ) لأن مقابلة الوجه للوجه أدخل فى الإِيناس ، وأجمع للقلوب .والآية الكريمة تشعر بأنهم فى الجنة ينشئهم الله - تعالى - نشأة أخرى جديدة وتكون قلوبهم فيها خالية من كل ما كان يخالطهم فى الدنيا من ضغائن وعداوات وأحقاد وأطماع وغير ذلك من الصفات الذميمة ، ويصلون بسبب هذه النشأة الجديدة إلى منتهى الرقى البشرى . . .وقد ساق الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية عددا من الأحاديث والآثار منها ما رواه القاسم عن أبى أمامة قال : يدخل أهل الجنة على ما فى صدورهم فى الدنيا من الشحناء والضغائن ، حتى إذا توافوا وتقابلوا نزع الله ما فى صدورهم فى الدنيا من غل ، ثم قرأ : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ .ومنها: ما رواه أبو مالك الأشجعى عن أبى حبيبة- مولى لطلحة- قال: دخل عمران ابن طلحة على الإمام على بن أبى طالب بعد ما فرغ من أصحاب الجمل، فرحب على- رضى الله عنه- به، وقال: إنى لأرجو أن يجعلني الله وإياك من الذين قال الله فيهم: وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ ...
﴿ تفسير البغوي ﴾
ونزعنا ، أخرجنا ، ما في صدورهم من غل ، هو الشحناء ، والعداوة ، والحقد ، والحسد ، إخوانا ، نصب على الحال ، على سرر جمع سرير ، متقابلين ، يقابل بعضهم بعضا ، لا ينظر أحد منهم إلى قفا صاحبه .وفي بعض الأخبار : إن المؤمن في الجنة إذا ود أن يلقى أخاه المؤمن سار سرير كل واحد منهما إلى صاحبه فيلتقيان ويتحدثان .