﴿ ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ ْ من الحيوانات الناطقة والصامتة، وَالْمَلَائِكَةِ ْ الكرام خصهم بعد العموم لفضلهم وشرفهم وكثرة عبادتهم ولهذا قال: وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ْ أي: عن عبادته على كثرتهم وعظمة أخلاقهم وقوتهم كما قال تعالى: لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ْ
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم أتبع- سبحانه- هذه الآية الكريمة، بآيات أخرى مؤكدة لها، ومبينة أن كل المخلوقات لن تمتنع عن السجود لله- تعالى-، سواء أكانت لها ظلال أم لا، فقال- سبحانه-: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ، وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ...والدابة: كل ما يدب على وجه الأرض، مشتقة من الدب بمعنى الحركة.قال الجمل: قال العلماء، السجود على نوعين: سجود طاعة وعبادة كسجود المسلم لله- عز وجل- وسجود انقياد وخضوع كسجود الظلال فقوله: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ. يحتمل النوعين، لأن سجود كل شيء بحسبه، فسجود المسلمين والملائكة سجود طاعة وعبادة، وسجود غيرهم سجود خضوع وانقياد..» .وأوثرت «ما» الموصولة على من، تغليبا لغير العقلاء، لكثرتهم ولإرادة العموم.وقوله: «من دابة» بيان لما في الأرض، إذ الدابة ما يدب على الأرض أو- كما يقول الآلوسى- بيان لما فيهما، بناء على أن الدبيب هو الحركة الجسمانية، سواء أكانت في أرض أم سماء..» .وقوله «والملائكة» معطوف على «ما» في قوله «ما في السموات وما في الأرض» من باب عطف الخاص على العام.وخصهم- سبحانه- بالذكر تشريفا لهم. ورفعا لمنزلتهم، وتعريضا بالمشركين الذين عبدوا الملائكة. أو قالوا هم بنات الله.قوله «وهم لا يستكبرون» أى: والملائكة لا يستكبرون عن إخلاص العبادة له، وعن السجود لذاته- سبحانه- بل هم «عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون» .
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض ) إنما أخبر ب " ما " لغلبة ما لا يعقل على من يعقل في العدد ، والحكم للأغلب كتغليب المذكر على المؤنث ، ( من دابة ) أراد من كل حيوان يدب . ويقال : السجود : الطاعة ، والأشياء كلها مطيعة لله عز وجل من حيوان وجماد ، قال الله تعالى : " قالتا أتينا طائعين " ( فصلت - 11 ) .وقيل : سجود الأشياء تذللها وتسخرها لما أريدت له وسخرت له .وقيل : سجود الجمادات وما لا يعقل : ظهور أثر الصنع فيه ، على معنى أنه يدعو الغافلين إلى السجود عند التأمل والتدبر فيه ، قال الله تعالى : " سنريهم آياتنا في الآفاق " ( فصلت - 53 ) .( والملائكة ) خص الملائكة بالذكر مع كونهم من جملة ما في السموات والأرض تشريفا ورفعا لشأنهم .وقيل : لخروجهم من الموصوفين بالدبيب إذ لهم أجنحة يطيرون بها .وقيل : أراد : ولله يسجد ما في السموات من الملائكة وما في الأرض من دابة ، وتسجد الملائكة . ( وهم لا يستكبرون )