هَذَا أي: ذكر هؤلاء الأنبياء الصفوة وذكر أوصافهم، ذكر في هذا القرآن ذي الذكر، يتذكر بأحوالهم المتذكرون، ويشتاق إلى الاقتداء بأوصافهم الحميدة المقتدون، ويعرف ما منَّ اللّه عليهم به من الأوصاف الزكية، وما نشر لهم من الثناء بين البرية.فهذا نوع من أنواع الذكر، وهو ذكر أهل الخير، ومن أنواع الذكر، ذزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ أي: وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ ربهم، بامتثال الأوامر واجتناب النواهي، من كل مؤمن ومؤمنة، لَحُسْنَ مَآبٍ أي: لمآبا حسنا، ومرجعا مستحسنا.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
قال الآلوسى: «هذا» إشارة إلى ما تقدم من الآيات الناطقة بمحاسنهم «ذكر» أى:شرف لهم ... والمراد أن في ذكر قصصهم ... شرف عظيم لهم.أو المعنى: هذا المذكور من الآيات نوع من الذكر الذي هو القرآن، وذكر ذلك للانتقال من نوع من الكلام إلى آخر، كما يقول الجاحظ في كتبه: فهذا باب، ثم يشرع في باب آخر.ويقول الكاتب إذا فرغ من فصل من كتابه وأراد الشروع في آخر: هذا، وكان كيت وكيت، ويحذف على ما قيل الخبر في مثل ذلك كثيرا، وعليه هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ.. .وقوله- تعالى-: وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ بيان لما أعده لهم- سبحانه- في الآخرة من عطاء جزيل، وثواب عظيم.والمآب: اسم مكان من آب فلان يؤوب إذا رجع، والمراد بالمتقين: كل من تحققت فيه صفة التقوى والخوف من الله- تعالى- وعلى رأسهم الأنبياء الذين اصطفاهم الله- تعالى- واختارهم لتبليغ رسالته. أى: وإن للمتقين في الآخرة لمنزل كريم يرجعون إليه في الآخرة.فيجدون فيه ما لا عين رأت. ولا أذن سمعت. ولا خطر على قلب بشر.واسم الإشارة في قوله- تعالى-: هذا ذِكْرٌ يعود إلى ما ذكره- سبحانه- في الآيات السابقة، عن هؤلاء الأنبياء من ثناء وتكريم. والذكر: الشرف والفضل.أى: هذا الذي ذكرناه عن هؤلاء الأنبياء شرف لهم، وذكر جميل يذكرون به إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
﴿ تفسير البغوي ﴾
" هذا ذكر "، أي: هذا الذي يتلى عليكم ذكر، أي: شرف، وذكر جميل تذكرون به " وإن للمتقين لحسن مآب ".