﴿ ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
لما ذكر تعالى من أوصافه الكاملة العظيمة، ما به يعرف ويعبد، ويبذل الجهد في مرضاته، وتجتنب مساخطه، أخبر بما فعل بالأمم السابقين، والقرون الماضين، الذين لم تزل أنباؤهم يتحدث بها المتأخرون، ويخبر بها الصادقون، وأنهم حين جاءتهم الرسل بالحق، كذبوهم وعاندوهم، فأذاقهم الله وبال أمرهم في الدنيا، وأخزاهم فيها، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ في [الدار] الآخرة، ولهذا
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم وبخهم- سبحانه- على عدم اعتبارهم بالسابقين من قبلهم فقال: أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ، فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ. وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ.والاستفهام في قوله أَلَمْ يَأْتِكُمْ.. للتقرير والتبكيت.والمراد بالذين كفروا من قبل: قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم، من الأقوام الذين أعرضوا عن الحق، فكانت عاقبتهم الدمار والهلاك.والخطاب لمشركي قريش وأمثالهم، ممن استحبوا العمى على الهدى.والوبال في الأصل: الشدة المترتبة على أمر من الأمور، ومنه الوبيل للطعام الثقيل على المعدة. المضر لها ... والمراد به هنا: العقاب الشديد الذي نزل بهم فأهلكهم، وعبر عن هذا العقاب بالوبال، للإشارة إلى أنه كان عذابا ثقيلا جدا، لم يستطيعوا الفرار أو الهرب منه.والمراد بأمرهم: كفرهم وفسوقهم عن أمر ربهم، ومخالفتهم لرسلهم.وقوله فَذاقُوا معطوف على كفروا، عطف المسبب على السبب والذوق مجاز في مطلق الإحساس والوجدان. شبه ما حل بهم من عقاب، بشيء كريه الطعم والمذاق.وعبر عن كفرهم بالأمر، للإشعار بأنه أمر قد بلغ النهاية في القبح والسوء.والمعنى: لقد أتاكم ووصل إلى علمكم- أيها المشركون- حال الذين كفروا من قبلكم من أمثال قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم، وعلمتم أن إصرارهم على كفرهم قد أدى بهم إلى الهلاك وإلى العذاب الأليم، فعليكم أن تعتبروا بهم. وأن تفيئوا إلى رشدكم، وأن تتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله- تعالى- لإخراجكم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان.فالمقصود من الآية الكريمة تحذير الكافرين الذين أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم من سوء عاقبة إصرارهم على كفرهم.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ألم يأتكم ) يخاطب كفار مكة ( نبأ الذين كفروا من قبل ) يعني : الأمم الخالية ( فذاقوا وبال أمرهم ) يعني ما لحقهم من العذاب في الدنيا ( ولهم عذاب أليم ) في الآخرة .