﴿ وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
أي: يرمون بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ بقذفهم الباطل, ليدحضوا به الحق، ولكن لا سبيل إلى ذلك, كما لا سبيل للرامي, من مكان بعيد إلى إصابة الغرض، فكذلك الباطل, من المحال أن يغلب الحق أو يدفعه, وإنما يكون له صولة, وقت غفلة الحق عنه, فإذا برز الحق, وقاوم الباطل, قمعه.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- سبحانه- وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ أى: قالوا آمنا بأن يوم القيامة حق، والحال أنهم قد كفروا به من قبل في الدنيا، عند ما دعاهم إلى الإيمان به رسول الله صلّى الله عليه وسلم.وقوله- تعالى-: وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ بيان لما كانوا عليه في الدنيا من سفاهة في القول، وجرأة في النطق بالباطل، وفيما لا علم لهم به.والعرب تقول لكل من تكلم فيما لا يعلمه: هو يقذف ويرجم بالغيب، والجملة الكريمة معطوفة على قوله: وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ.أى: لقد كفروا بهذا الدين في الدنيا، وكانوا ينطقون بأقوال لا علم لهم بها، وبينها وبين الحق والصدق مسافات بعيدة. فقد نسبوا إلى الله- تعالى- الولد والشريك، ويقولون في الرسول صلّى الله عليه وسلّم إنه ساحر ... ، وفي شأن البعث: إنه لا حقيقة له، وفي شأن القرآن: إنه أساطير الأولين.فالمقصود بالآية تقريعهم وتجهيلهم، على ما كانوا يتفوهون به من كلام ساقط، بينه وبين الحقيقة مسافات بعيدة.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وقد كفروا به من قبل ) أي : بالقرآن ، وقيل : بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ، من قبل أن يعاينوا العذاب وأهوال القيامة ( ويقذفون بالغيب من مكان بعيد ) قال مجاهد : يرمون محمدا بالظن لا باليقين ، وهو قولهم ساحر وشاعر وكاهن ، ومعنى الغيب : هو الظن لأنه غاب علمه عنهم ، والمكان البعيد : بعدهم عن علم ما يقولون ، والمعنى يرمون محمدا بما لا يعلمون من حيث لا يعلمون . وقال قتادة : يرجمون بالظن يقولون لا بعث ولا جنة ولا نار .