وقوله: فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ وحذف المعمول، والمقام مقام لذة وسرور، فدل ذلك على أنهم يتساءلون بكل ما يلتذون بالتحدث به، والمسائل التي وقع فيها النزاع والإشكال.ومن المعلوم أن لذة أهل العلم بالتساؤل عن العلم، والبحث عنه، فوق اللذات الجارية في أحاديث الدنيا، فلهم من هذا النوع النصيب الوافر، ويحصل لهم من انكشاف الحقائق العلمية في الجنة ما لا يمكن التعبير عنه.فلما ذكر تعالى نعيم الجنة، ووصفه بهذه الأوصاف الجميلة، مدحه، وشوَّق العاملين، وحثَّهم على العمل فقال: إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الذي حصل لهم به كل خير، وكل ما تهوى النفوس وتشتهي، واندفع عنهم به كل محذور ومكروه، فهل فوز يطلب فوقه؟ أم هو غاية الغايات، ونهاية النهايات، حيث حل عليهم رضا رب الأرض والسماوات، وفرحوا بقربه، وتنعموا بمعرفته واستروا برؤيته، وطربوا لكلامه؟
﴿ تفسير الوسيط ﴾
والإشارة في قوله- تعالى-: إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ لما سبق الإخبار به من نفى الموت والعذاب عن أهل الجنة. وهذا القول- أيضا- حكاية لما يقوله ذلك المؤمن لمن معه في الجنة، أى: إن هذا النعيم الدائم الذي نحن فيه- يا أهل الجنة- لهو الفوز العظيم، الذي لا يدانيه فوز، ولا يقاربه فلاح.
﴿ تفسير البغوي ﴾
فيقولون ( إن هذا لهو الفوز العظيم ) وقيل : إنما يقولونه على جهة الحديث بنعمة الله عليهم في أنهم لا يموتون ولا يعذبون . وقيل : يقوله المؤمن لقرينه على جهة التوبيخ بما كان ينكره .