﴿ ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنه كان بكم رحيما ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
يذكر تعالى نعمته على العباد بما سخر لهم من الفلك والسفن والمراكب وألهمهم كيفية صنعتها، وسخر لها البحر الملتطم يحملها على ظهره لينتفع العباد بها في الركوب والحمل للأمتعة والتجارة. وهذا من رحمته بعباده فإنه لم يزل بهم رحيما رؤوفا يؤتيهم من كل ما تعلقت به إرادتهم ومنافعهم.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- تعالى-: رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ ...بيان لمظهر من مظاهر رحمة الله- تعالى- بعباده، وفضله عليهم.ويُزْجِي من الإزجاء، وهو السوق شيئا فشيئا. يقال أزجى فلان الإبل، إذا ساقها برفق، وأزجت الريح السحاب، أى: ساقته سوقا رفيقا، ومنه قوله- تعالى-:أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً....والْفُلْكَ ما عظم من السفن. قال الجمل ما ملخصه: ويستعمل لفظ الفلك للواحد والجمع، ويذكر ويؤنث. قال- تعالى-: وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فأفرد وذكر. وقال- سبحانه-: وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ، فأنث، ويحتمل الإفراد والجمع. قال- تعالى-: حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ ... فجمع ... .والْبَحْرِ يطلق على الماء الكثير عذبا كان أو ملحا. وأكثر ما يكون إطلاقا على الماء الملح.أى: اذكروا- أيها الناس- لتعتبروا وتشكروا ربكم الذي من مظاهر نعمته عليكم، أنه يسوق لكم- بلطفه وقدرته- السفن التي تركبونها في البحر لكي تطلبوا من وراء ركوبها الرزق الذي يصلح معاشكم، والذي هو لون من ألوان فضل الله عليكم.وقوله: لتبتغوا من فضله، تعليل لإزجاء الفلك، وتصريح بوجوه النفع التي تفضل الله- تعالى- بها عليهم.وقوله: إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً تعليل ثان لهذا الإزجاء.أى: يزجى لكم الفلك في البحر، لتطلبوا من وراء ذلك ما ينفعكم، ولأنه- سبحانه- كان أزلا وأبدا، بكم دائم الرحمة والرأفة.
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله عز وجل ( ربكم الذي يزجي لكم الفلك ( أي : يسوق ويجري لكم الفلك ( في البحر لتبتغوا من فضله ( لتطلبوا من رزقه ( إنه كان بكم رحيما )