﴿ هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السموات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
وهذا من شدة عداوتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، والمسلمين، لما رأوا اجتماع أصحابه وائتلافهم، ومسارعتهم في مرضاة الرسول صلى الله عليه وسلم، قالوا بزعمهم الفاسد: لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا فإنهم - بزعمهم - لولا أموال المنافقين ونفقاتهم عليهم، لما اجتمعوا في نصرة دين الله، وهذا من أعجب العجب، أن يدعى هؤلاء المنافقون الذين هم أحرص الناس على خذلان الدين، وأذية المسلمين، مثل هذه الدعوى، التي لا تروج إلا على من لا علم له بحقائق الأمور ولهذا قال الله ردًا لقولهم: وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فيؤتي الرزق من يشاء، ويمنعه من يشاء، وييسر الأسباب لمن يشاء، ويعسرها على من يشاء، وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ فلذلك قالوا تلك المقالة، التي مضمونها أن خزائن الرزق في أيديهم، وتحت مشيئتهم.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- سبحانه-: هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا ...كلام مستأنف جار مجرى التعليل لفسقهم، وحكاية لجانب من أقوالهم الفاسدة ...والقائل هو عبد الله بن أبى، كما جاء في روايات أسباب النزول لهذه الآيات، والتي سبق أن ذكرنا بعضها.ونسب- سبحانه- القول إليهم جميعا، لأنهم رضوا به، وقبلوه منه.ومرادهم بمن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: المهاجرون الذين تركوا ديارهم في مكة، واستقروا بالمدينة.أى: إن هؤلاء المنافقين لن يغفر الله- تعالى- لهم، لأنهم فسقوا عن أمره، ومن مظاهر فسوقهم وفجورهم، أنهم أيدوا زعيمهم في النفاق، عند ما قال لهم: لا تنفقوا على من عند رسول الله من فقراء المهاجرين، ولا تقدموا لأحد منهم عونا أو مساعدة، حتى ينفضوا من حوله. أى: حتى يتفرقوا من حوله. يقال: انفض القوم: إذا فنيت أزوادهم يقال: نفض الرجل وعاءه من الزاد فانفض، إذ انتهى زاده. وليس مرادهم حتى ينفضوا ويتفرقوا عنه، فإذا فعلوا ذلك فأنفقوا عليهم. وإنما مرادهم، استمروا على عدم مساعدتكم لهم، حتى يتركوا المدينة، وتكون مسكنا لكم وحدكم.وقوله- سبحانه-: وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ.والخزائن: جمع خزينة، وهي ما يخزن فيها المال والطعام وما يشبههما، والمراد بها أرزاق العباد التي يمنحها الله- تعالى- لعباده.أى: ولله- تعالى- وحده لا لأحد غيره، ملك أرزاق العباد جميعا: فيعطى من يشاء، ويمنع من يشاء، ولكن المنافقين لا يفقهون ذلك ولا يدركونه، لجهلهم بقدرة الله- تعالى-، ولاستيلاء الجحود والضلال على نفوسهم.
﴿ تفسير البغوي ﴾
ونزل : ( هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ) . يتفرقوا ، ( ولله خزائن السماوات والأرض ) فلا يعطي أحد أحدا شيئا إلا بإذنه ولا يمنعه إلا بمشيئته ، ( ولكن المنافقين لا يفقهون ) أن أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون .