تفسير الآيتين 84 و 85 : إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ ْ أي: ملكه الله تعالى، ومكنه من النفوذ في أقطار الأرض، وانقيادهم له. وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا ْ أي: أعطاه الله من الأسباب الموصلة له لما وصل إليه، ما به يستعين على قهر البلدان، وسهولة الوصول إلى أقاصي العمران، وعمل بتلك الأسباب التي أعطاه الله إياها، أي: استعملها على وجهها، فليس كل من عنده شيء من الأسباب يسلكه، ولا كل أحد يكون قادرا على السبب، فإذا اجتمع القدرة على السبب الحقيقي والعمل به، حصل المقصود، وإن عدما أو أحدهما لم يحصل.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين- سبحانه- ما أعطاه الله لذي القرنين من نعم فقال: إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً. فَأَتْبَعَ سَبَباً.وقوله: «مكنا» من التمكين بمعنى إعطائه الوسائل التي جعلته صاحب نفوذ وسلطان في أقطار الأرض المختلفة. والمفعول محذوف، أى: إنا مكنا له أمره من التصرف فيها كيف يشاء. بأن أعطيناه سلطانا وطيد الدعائم، وآتيناه من كل شيء أراده في دنياه لتقوية ملكه «سببا» أى سبيلا وطريقا يوصله إلى مقصوده، كآلات السير، وكثرة الجند، ووسائل البناء والعمران.وهذه الأسباب التي أعطاها الله إياه، لم يرد حديث صحيح بتفصيلها، فعلينا أن نؤمن بأن الله- تعالى- قد أعطاه وسائل عظيمة لتدعيم، ملكه، دون أن نلتفت إلى ما ذكره هنا بعض المفسرين من إسرائيليات لا قيمة لها.
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله عز وجل ( إنا مكنا له في الأرض ) أوطأنا ، والتمكين : تمهيد الأسباب . قال علي : سخر له السحاب فحمله عليها ، ومد له في الأسباب ، وبسط له النور ، فكان الليل والنهار عليه سواء ، فهذا معنى تمكينه في الأرض وهو أنه سهل عليه السير فيها وذلل له طرقها .( وآتيناه من كل شيء ) أي : أعطيناه من كل شيء يحتاج إليه الخلق .وقيل : من كل ما يستعين به الملوك على فتح المدن ومحاربة الأعداء .( سببا ) أي : علما يتسبب به إلى كل ما يريد ويسير به في أقطار الأرض ، والسبب : ما يوصل الشيء إلى الشيء .وقال الحسن : بلاغا إلى حيث أراد . وقيل : قربنا إليه أقطار الأرض .