﴿ فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
تفسير الآيتين 87 و88 :أي: قالوا له: ما فعلنا الذي فعلنا عن تعمد منا، وملك منا لأنفسنا، ولكن السبب الداعي لذلك، أننا تأثمنا من زينة القوم التي عندنا، وكانوا فيما يذكرون استعاروا حليا كثيرا من القبط، فخرجوا وهو معهم وألقوه، وجمعوه حين ذهب موسى ليراجعوه فيه إذا رجع.وكان السامري قد بصر يوم الغرق بأثر الرسول، فسولت له نفسه أن يأخذ قبضة من أثره، وأنه إذا ألقاها على شيء حيي، فتنة وامتحانا، فألقاها على ذلك العجل الذي صاغه بصورة عجل، فتحرك العجل، وصار له خوار وصوت، وقالوا: إن موسى ذهب يطلب ربه، وهو هاهنا فنسيه، وهذا من بلادتهم، وسخافة عقولهم، حيث رأوا هذا الغريب الذي صار له خوار، بعد أن كان جمادا، فظنوه إله الأرض والسماوات.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين- سبحانه- ما صنعه لهم السامري من تلك الحلي فقال: فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ.والخوار: الصوت المسموع.أى: فكانت نتيجة ما قذفوه من الحلي في النار، أن أخرج السامري لهم من ذلك عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ أى: صوت كصوت البقر.قيل: إن الله- تعالى- خلق الحياة في ذلك العجل على سبيل الاختبار والامتحان لهم.وقيل: لم تكن به حياة، ولكن السامري صنعه لهم بدقة، وجعل فيه منافذ إذا دخلت فيها الريح أخرجت منه صوتا كصوت خوار البقر.فقال بنو إسرائيل عند ما رأوا العجل الذي صنعه لهم السامري: هذا إلهكم وإله موسى فاعبدوه، لأن موسى نسى إلهه هنا، وذهب ليبحث عنه في مكان آخر، فالضمير في قوله فَنَسِيَ يعود لموسى.وقولهم هذا يدل على بلادتهم وسوء أدبهم مع نبيهم، فهم لم يكتفوا بعبادة العجل، بل زعموا أن نبيهم الداعي لهم إلى توحيد الله، قد كان يعبد العجل وأنه قد نسى مكانه فذهب يبحث عنه.وقيل: إن الذي حدث منه النسيان هو السامري، وأن النسيان بمعنى الترك، أى: فترك السامري ما كان عليه من الإيمان الظاهري، ونبذ الدين الذي بعث الله- تعالى- به موسى، وحض الناس على عبادة العجل الذي صنعه لهم.والقول الأول أرجح، لأنه هو الظاهر من معنى الآية الكريمة، ولأنه هو المأثور عن السلف.قال ابن جرير: «وأولى الأقوال بالصواب عندنا أن يكون فَنَسِيَ خبرا من الله- تعالى- عن السامري، وأنه وصف موسى بأنه نسى ربه، وأن ربه الذي ذهب يريده هو العجل الذي أخرجه السامري، لإجماع الحجة من أهل التأويل عليه، ولأنه عقيب ذكر موسى، وهو أن يكون خبرا من السامري عنه بذلك أشبه من غيره» .
﴿ تفسير البغوي ﴾
( فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي ) أي : تركه موسى هاهنا ، وذهب يطلبه . وقيل : أخطأ الطريق وضل .