ولولا فَضْلُ الله عليكم ورحمته لكم بحيث شملكم إحسانه في دينكم ودنياكم فلم يعجِّل عقوبتكم، وتاب على مَن تاب منكم، لأصابكم بسبب ما خضتم فيه عذاب عظيم.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم» أيها العصبة أي خضتم «فيه عذاب عظيم» في الآخرة.
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بحيث شملكم إحسانه فيهما، في أمر دينكم ودنياكم، لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَفَضْتُمْ أي: خضتم فِيهِ من شأن الإفك عَذَابٌ عَظِيمٌ لاستحقاقكم ذلك بما قلتم، ولكن من فضل الله عليكم ورحمته، أن شرع لكم التوبة، وجعل العقوبة مطهرة للذنوب.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم ) خضتم ( فيه ) من الإفك ( عذاب عظيم ) قال ابن عباس أي : عذاب لا انقطاع له ، يعني : في الآخرة ، لأنه ذكر عذاب الدنيا من قبل ، فقال تعالى : " والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم " ، وقد أصابه ، فإنه جلد وحد . وروت عمرة عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما نزلت هذه الآية حد أربعة نفر : عبد الله بن أبي ، وحسان بن ثابت ، ومسطح بن أثاثة ، وحمنة بنت جحش .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين - سبحانه - جانبا من مظاهر فضله ورحمته بالمؤمنين فقال : ( وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدنيا والآخرة لَمَسَّكُمْ فِي مَآ أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) .و " لولا " هنا لامتناع الشىء لوجود غيره ، و " أفضتم " من الإفاضة بمعنى التوسع فى الشىء . والاندفاع فيه بدون تريث أو تحقق ، وأصله من قوله : " أفاض فلان الإناء ، إذا ملأه حتى فاض " .أى : ولولا فضل الله عليكم ورحمته بكم - أيها المؤمنون - فى الدنيا بإعطائكم فرصة للتوبة . وفى الآخرة بقبول توبتكم ، لولا ذلك " لمسكم " أى : لنزل بكم بسبب ما أفضتم فيه من حديث الإفك عذاب عظيم ، لا يعلم مقدار ألمه وشدته إلا الله - تعالى - .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
يقول [ الله ] : ( ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة ) أيها الخائضون في شأن عائشة ، بأن قبل توبتكم وإنابتكم إليه في الدنيا ، وعفا عنكم لإيمانكم بالنسبة إلى الدار الآخرة ، ( لمسكم في ما أفضتم فيه ) ، من قضية الإفك ، ( عذاب عظيم ) . وهذا فيمن عنده إيمان رزقه الله بسببه التوبة إليه ، كمسطح ، وحسان ، وحمنة بنت جحش ، أخت زينب بنت جحش . فأما من خاض فيه من المنافقين كعبد الله بن أبي بن سلول وأضرابه ، فليس أولئك مرادين في هذه الآية; لأنه ليس عندهم من الإيمان والعمل الصالح ما يعادل هذا ولا ما يعارضه . وهكذا شأن ما يرد من الوعيد على فعل معين ، يكون مطلقا مشروطا بعدم التوبة ، أو ما يقابله من عمل صالح يوازنه أو يرجح عليه .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : ولولا فضل الله عليكم ورحمته فضل رفع بالابتداء عند سيبويه ، والخبر محذوف لا تظهره العرب . وحذف جواب لولا لأنه قد ذكر مثله بعد ؛ قال الله - عز وجل - ولولا فضل الله عليكم ورحمته لمسكم أي بسبب ما قلتم في عائشة عذاب عظيم في الدنيا والآخرة . وهذا عتاب من الله تعالى بليغ ، ولكنه برحمته ستر عليكم في الدنيا ويرحم في الآخرة من أتاه تائبا . والإفاضة : الأخذ في الحديث ؛ وهو الذي وقع عليه العتاب ؛ يقال : أفاض القوم في الحديث أي أخذوا فيه .
﴿ تفسير الطبري ﴾
يقول تعالى ذكره: ( وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ) أيها الخائضون في أمر عائشة، المُشِيعُون فيها الكذب والإثم، بتركه تعجيل عقوبتكم ( وَرَحْمَتُهُ ) إياكم لعفوه عنكم ( فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) بقبول توبتكم مما كان منكم في ذلك؛( لَمَسَّكُمْ فِيمَا ) خضتم فيه من أمرها عاجلا في الدنيا( عَذَابٌ عَظِيمٌ ).وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ) هذا للذين تكلموا فنشروا ذلك الكلام، ( لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ).
﴿ ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم ﴾