وذلَّل الله لكم الشمس والقمر لا يَفْتُران عن حركتهما؛ لتتحقق المصالح بهما، وذلَّل لكم الليل؛ لتسكنوا فيه وتستريحوا، والنهار؛ لتبتغوا من فضله، وتدبِّروا معايشكم.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«وسخر لكم الشمس والقمر دائبين» جاريين في فلكهما لا يفتران «وسخر لكم الليل» لتسكنوا فيه «والنهار» لتبتغوا فيه من فضله.
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ لا يفتران، ولا ينيان، يسعيان لمصالحكم، من حساب أزمنتكم ومصالح أبدانكم، وحيواناتكم، وزروعكم، وثماركم، وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ لتسكنوا فيه وَالنَّهَارِ مبصرا لتبتغوا من فضله.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وسخر لكم الشمس والقمر دائبين ) يجريان فيما يعود إلى مصالح العباد ولا يفتران ، قال ابن عباس دءوبهما في طاعة الله عز وجل .( وسخر لكم الليل والنهار ) يتعاقبان في الضياء والظلمة ، والنقصان والزيادة .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ أى: دائمين في إصلاح ما يصلحان من الأبدان والنبات وغيرهما أو دائمين في مدارهما المقدر لهما بدون اضطراب أو اختلال. ولا يفتران عن ذلك ما دامت الدنيا.وأصل الدأب: الدوام والعادة المستمرة على حالة واحدة. يقال: دأب فلان على كذا يدأب دأبا، إذا داوم عليه وجد فيه.و «وسخر لكم الليل والنهار» بأن جعلهما متعاقبين، يأتى أحدهما في أعقاب الآخر، فتنتفعون بكل منهما بما يصلح أحوالكم.فالليل تنتفعون به في راحتكم ومنامكم ... والنهار تنتفعون به في معاشكم وطلب رزقكم قال- تعالى- وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً، وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
( وسخر لكم الشمس والقمر دائبين ) أي : يسيران لا يقران ليلا ولا نهارا ، ( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ) [ يس : 40 ] ( يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ) [ الأعراف : 54 ] فالشمس والقمر يتعاقبان ، والليل والنهار عارضان فتارة يأخذ هذا من هذا فيطول ، ثم يأخذ الآخر من هذا فيقصر ، ( يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير ) [ لقمان : 29 ] وقال تعالى : ( يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ) [ الزمر : 5 ] .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
وسخر لكم الشمس والقمر دائبين أي في إصلاح ما يصلحانه من النبات وغيره ، والدءوب مرور الشيء في العمل على عادة جارية . وقيل : دائبين في السير امتثالا لأمر الله ، والمعنى يجريان إلى يوم القيامة لا يفتران ; روي معناه عن ابن عباس .وسخر لكم الليل والنهار أي لتسكنوا في الليل ولتبتغوا من فضله في النهار ، كما قال : " ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله " .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)يقول تعالى ذكره: وأعطاكم مع إنعامه عليكم بما أنعم به عليكم من تسخير هذه الأشياء التي سخرها لكم والرزق الذي رزقكم من نبات الأرض وغروسها من كل شيء سألتموه ، ورغبتم إليه شيئا ، وحذف الشيء الثاني اكتفاء بما التي أضيفت إليها كلّ ، وإنما جاز حذفه ، لأن من تُبعِّض ما بعدها ، فكفت بدلالتها على التبعيض من المفعول ، فلذلك جاز حذفه ، ومثله قوله تعالى: وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يعني به: وأوتيت من كل شيء في زمانها شيئا ، وقد قيل: إن ذلك إنما قيل على التكثير ، نحو قول القائل: فلان يعلم كل شيء ، وأتاه كل الناس ، وهو يعني بعضهم ، وكذلك قوله فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ . وقيل أيضا: إنه ليس شيء إلا وقد سأله بعض الناس ، فقيل ( وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ) أي قد أتى بعضكم منه شيئا ، وأتى آخر شيئا مما قد سأله. وهذا قول بعض نحويّي أهل البصرة.وكان بعض نحويِّي أهل الكوفة يقول: معناه: وآتاكم من كلّ ما سألتموه لو سألتموه ، كأنه قيل: وآتاكم من كلّ سؤلكم ، وقال: ألا ترى أنك تقول للرجل ، لم يسألك شيئا: والله لأعطينك سُؤْلك ما بلغت مسألتك ، وإن لم يسأل .فأما أهل التأويل ، فإنهم اختلفوا في تأويل ذلك ، فقال بعضهم: معناه: وآتاكم من كلّ ما رغبتم إليه فيه.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء ، وحدثني الحسن بن محمد ، قال : ثنا شبابة ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ( مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ) ورغبتم إليه فيه.حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، وحدثني المثنى ، قال : ثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، وحدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين قال: ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله.حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ( وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ) قال: من كلّ الذي سألتموه.وقال آخرون: بل معنى ذلك: وآتاكم من كل الذي سألتموه والذي لم تسألوه.* ذكر من قال ذلك:حدثنا الحسن بن محمد ، قال : ثنا خلف ، يعني ابن هشام ، قال : ثنا محبوب ، عن داود بن أبي هند ، عن رُكانة بن هاشم ( مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ) وقال: ما سألتموه وما لم تسألوه.وقرأ ذلك آخرون " وآتاكُمْ مِنْ كُلٍّ ما سألْتُمُوهُ" بتنوين كلّ وترك إضافتها إلى " ما " بمعنى: وآتاكم من كلّ شيء لم تسألوه ولم تطلبوه منه ، وذلك أن العباد لم يسألوه الشمس والقمر والليل والنهار . وخلق ذلك لهم من غير أن يسألوه.* ذكر من قال ذلك:حدثني أبو حُصَين ، عبد الله بن أحمد بن يونُس ، قال : ثنا بَزِيع ، عن الضحاك بن مُزاحم في هذه الآية: " وآتاكم من كلّ ما سألتموه " قال: ما لم تسألوه.حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبيد ، عن الضحاك أنه كان يقرأ: " مِنْ كُلِّ ما سألْتُمُوه " ويفسره: أعطاكم أشياء ما سألتموها ولم تلتمسوها ، ولكن أعطيتكم برحمتي وسعتي. قال الضحاك: فكم من شيء أعطانا الله ما سألناه ولا طلبناه.حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله: " وآتاكم من كلّ ما سألتموه " يقول: أعطاكم أشياء ما طلبتموها ولا سألتموها ، صدق الله كم من شيء أعطاناه الله ما سألناه إياه ولا خطر لنا على بال.حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: " وآتاكم من كلّ ما سألتموه " قال: لم تسألوه من كلّ الذي آتاكم.والصواب من القول في ذلك عندنا ، القراءة التي عليها قرّاء الأمصار ، وذلك إضافة " كلّ " إلى " ما " بمعنى: وآتاكم من سؤلكم شيئا . على ما قد بيَّنا قبل ، لإجماع الحجة من القرّاء عليها ورفضهم القراءة الأخرى.
﴿ وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار ﴾