اذهب - يا موسى - أنت وأخوك هارون بآياتي الدالة على ألوهيتي وكمال قدرتي وصدق رسالتك، ولا تَضْعُفا عن مداومة ذكري. اذهبا معًا إلى فرعون؛ إنه قد جاوز الحد في الكفر والظلم، فقولا له قولا لطيفًا؛ لعله يتذكر أو يخاف ربه.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«اذهب أنت وأخوك» إلى الناس «بآياتي» التسع «ولا تَنِيا» تفترا «في ذكري» بتسبيح وغيره.
﴿ تفسير السعدي ﴾
لما امتن الله على موسى بما امتن به، من النعم الدينية والدنيوية قال له: اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ هارون بِآيَاتِي أي: الآيات التي مني، الدالة على الحق وحسنه، وقبح الباطل، كاليد، والعصا ونحوها، في تسع آيات إلى فرعون وملئه، وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي أي: لا تفترا، ولا تكسلا، عن مداومة ذكري بل استمرَّا عليه، والزماه كما وعدتما بذلك كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا فإن ذكر الله فيه معونة على جميع الأمور، يسهلها، ويخفف حملها.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( اذهب أنت وأخوك بآياتي ) بدلائلي ، وقال ابن عباس : يعني الآيات التسع التي بعث بها موسى ( ولا تنيا ) لا تضعفا ، وقال السدي : لا تفترا . وقال محمد بن كعب : لا تقصرا ( في ذكري )
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- سبحانه- وَلا تَنِيا فعل مضارع مصدره الونى- بفتح الواو وسكون النون- بمعنى الضعف والفتور والتراخي في الأمر.يقال: ونى فلان في الأمر ينى ونيا- كوعد يعد وعدا- إذا ضعف وتراخى في فعله.وقوله: أَخُوكَ فاعل لفعل محذوف. أى: وليذهب معك أخوك.والمراد بالآيات: المعجزات الدالة على صدق موسى- عليه السلام-، وعلى رأسها عصاه التي ألقاها فإذا هي حية تسعى، ويده التي ضمها إلى جناحه فخرجت بيضاء من غير سوء.والمعنى: اذهب يا موسى أنت وأخوك إلى حيث آمركما متسلحين بآياتى ومعجزاتي، ولا تضعفا أو تتراخيا في ذكرى وتسبيحي وتقديسي بما يليق بذاتى وصفاتي من العبادات والقربات.فإن ذكركما لي هو عدتكما وسلاحكما وسندكما في كل أمر تقدمان عليه.فالآية الكريمة تدعو موسى وهارون، كما تدعو كل مسلم في كل زمان ومكان إلى المداومة على ذكر الله- تعالى- في كل موطن، بقوة لا ضعف معها وبعزيمة صادقة لا فتور فيها ولا كلال.وقد مدح- سبحانه- المداومين على تسبيحه وتحميده وتقديسه في كل أحوالهم فقال:إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ، الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ.قال صاحب الكشاف: قوله وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي الونى: الفتور والتقصير. أى لا تنسيانى ولا أزال منكما على ذكر حيث تقلبتما، واتخذا ذكرى جناحا تصيران به مستمدين بذلك العون والتأييد منى، معتقدين أن أمرا من الأمور لا يتمشى لأحد إلا بذكرى. ويجوز أن يريد بالذكر تبليغ الرسالة، فإن الذكر يقع على سائر العبادات، وتبليغ الرسالة من أجلها وأعظمها فكان جديرا بأن يطلق عليه اسم الذكر...وقال ابن كثير: والمراد بقوله وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي أنهما لا يفتران في ذكر الله، بل يذكران الله في حال مواجهة فرعون، ليكون ذكر الله عونا لهما عليه، وقوة لهما. وسلطانا كاسرا له، كما جاء في الحديث «إن عبدى كل عبدى الذي يذكرني وهو مناجز قرنه» .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
(اذهب أنت وأخوك بآياتي ) أي : بحججي وبراهيني ومعجزاتي ، ( ولا تنيا في ذكري ) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : لا تبطئا .وقال مجاهد ، عن ابن عباس : لا تضعفا .والمراد أنهما لا يفتران في ذكر الله ، بل يذكران الله في حال مواجهة فرعون ، ليكون ذكر الله عونا لهما عليه ، وقوة لهما وسلطانا كاسرا له ، كما جاء في الحديث : " إن عبدي كل عبدي للذي يذكرني وهو مناجز قرنه " .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
اذهب أنت وأخوك بآياتي قال ابن عباس يريد التسع الآيات التي أنزلت عليه . ولا تنيا في ذكري قال ابن عباس : تضعفا أي في أمر الرسالة ؛ وقاله قتادة . وقيل : تفترا . قال الشاعر [ العجاج ] :فما ونى محمد مذ ان غفر له الإله ما مضى وما غبروالونى الضعف والفتور ، والكلال والإعياء . وقال امرؤ القيس :مسح إذا ما السابحات على الونى أثرن غبارا بالكديد المركلويقال : ونيت في الأمر أني ونى وونيا أي ضعفت ، فأنا وان وناقة وانية وأونيتها أنا أضعفتها وأتعبتها : وفلان لا يني كذا ، أي لا يزال ، وبه فسر أبان معنى الآية واستشهد بقول طرفة :كأن القدور الراسيات أمامهم قباب بنوها لا تني أبدا تغليوعن ابن عباس أيضا : لا تبطئا . وفي قراءة ابن مسعود ( ولا تهنا في ذكري ) وتحميدي وتمجيدي وتبليغ رسالتي .