ومن يطع الله ورسوله في الأمر والنهي، ويَخَفْ عواقب العصيان، ويحْذَر عذاب الله، فهؤلاء هم الفائزون بالنعيم في الجنة.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«ومن يطع الله ورسوله ويخش الله» يخافه «ويتقهْ» بسكون الهاء وكسرها بأن يطيعه «فأولئك هم الفائزون» بالجنة.
﴿ تفسير السعدي ﴾
ولما ذكر فضل الطاعة في الحكم خصوصا، ذكر فضلها عموما، في جميع الأحوال، فقال: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فيصدق خبرهما ويمتثل أمرهما، وَيَخْشَ اللَّهَ أي: يخافه خوفا مقرونا بمعرفة، فيترك ما نهى عنه، ويكف نفسه عما تهوى، ولهذا قال: وَيَتَّقْهِ بترك المحظور، لأن التقوى -عند الإطلاق- يدخل فيها، فعل المأمور، وترك المنهي عنه، وعند اقترانها بالبر أو الطاعة - كما في هذا الموضع - تفسر بتوقي عذاب الله، بترك معاصيه، فَأُولَئِكَ الذين جمعوا بين طاعة الله وطاعة رسوله، وخشية الله وتقواه، هُمُ الْفَائِزُونَ بنجاتهم من العذاب، لتركهم أسبابه، ووصولهم إلى الثواب، لفعلهم أسبابه، فالفوز محصور فيهم، وأما من لم يتصف بوصفهم، فإنه يفوته من الفوز بحسب ما قصر عنه من هذه الأوصاف الحميدة، واشتملت هذه الآية، على الحق المشترك بين الله وبين رسوله، وهو: الطاعة المستلزمة للإيمان، والحق المختص بالله، وهو: الخشية والتقوى، وبقي الحق الثالث المختص بالرسول، وهو التعزير والتوقير، كما جمع بين الحقوق الثلاثة في سورة الفتح في قوله: لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا
﴿ تفسير البغوي ﴾
ومن يطع الله ورسوله ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : فيما ساءه وسره ( ويخش الله ) على ما عمل من الذنوب . ( ويتقه ) فيما بعده ، ( فأولئك هم الفائزون ) الناجون ، قرأ أبو عمرو وأبو بكر " يتقه " ساكنة الهاء ، ويختلسها أبو جعفر ويعقوب وقالون ، كما في نظائرها ويشبعها الباقون كسرا ، وقرأ حفص " يتقه " بسكون القاف واختلاس الهاء ، وهذه اللغة إذا سقطت الياء للجزم يسكنون ما قبلها ، يقولون : لم أشتر طعاما بسكون الراء .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين- سبحانه- ما يترتب على طاعة الله ورسوله فقال: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ- تعالى- في السر والعلن وَيَتَّقْهِ في كل الأحوال فَأُولئِكَ الذين يفعلون ذلك هُمُ الْفائِزُونَ بالنعيم المقيم، والرضوان العظيم.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله ( ومن يطع الله ورسوله ) أي : فيما أمراه به وترك ما نهياه عنه ، ( ويخش الله ) فيما مضى من ذنوبه ، ( ويتقه ) فيما يستقبل .وقوله ( فأولئك هم الفائزون ) يعني : الذين فازوا بكل خير ، وأمنوا من كل شر في الدنيا والآخرة .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزونقوله تعالى : ومن يطع الله ورسوله فيما أمر به وحكم . ويخش الله ويتقه قرأ حفص ويتقه بإسكان القاف على نية الجزم ؛ قال الشاعر :ومن يتق فإن الله معه ورزق الله مؤتاب وغاديوكسرها الباقون ، لأن جزمه بحذف آخره . وأسكن الهاء أبو عمرو ، وأبو بكر . واختلس الكسرة يعقوب ، وقالون ، عن نافع ، والبستي ، عن أبي عمرو ، وحفص . وأشبع كسرة الهاء الباقون .فأولئك هم الفائزون ذكر أسلم أن عمر بينما هو قائم في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - وإذا رجل من دهاقين الروم قائم على رأسه وهو يقول : أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله . فقال له عمر : ما شأنك ؟ قال : أسلمت لله . قال : هل لهذا سبب ؟ قال : نعم إني قرأت التوراة والزبور والإنجيل وكثيرا من كتب الأنبياء ، فسمعت أسيرا يقرأ آية من القرآن جمع فيها كل ما في الكتب المتقدمة ، فعلمت أنه من عند الله فأسلمت . قال : ما هذه الآية ؟ قال قوله تعالى : ومن يطع الله في الفرائض ورسوله في السنن ويخش الله فيما مضى من عمره ويتقه فيما بقي من عمره : فأولئك هم الفائزون والفائز من نجا من النار وأدخل الجنة . فقال عمر : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أوتيت جوامع الكلم .
﴿ تفسير الطبري ﴾
يقول تعالى ذكره: ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) فيما أمره ونهاه، ويسلم لحكمهما له وعليه، ويخف عاقبة معصية الله ويحذره، ويتق عذاب الله بطاعته إياه في أمره ونهيه ( فأولئك ) يقول: فالذين يفعلون ذلك ( هُمُ الْفَائِزُونَ ) برضا الله عنهم يَوم القيامة، وأمنهم من عذابه.
﴿ ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون ﴾