ولولا أن ثبَّتناك على الحق، وعصمناك عن موافقتهم، لَقاربْتَ أن تميل إليهم ميلا قليلا من كثرة المعالجة ورغبتك في هدايتهم.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«ولولا أن ثبتناك» على الحق بالعصمة «لقد كدت» قاربت «تركن» تميل «إليهم شيئا» ركونا «قليلاً» لشدة احتيالهم وإلحاحهم، وهو صريح في أنه صلى الله عليه وسلم لم يركن ولا قارب.
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَ مع هذا ف لَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ على الحق، وامتننا عليك بعدم الإجابة لداعيهم، لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا من كثرة المعالجة، ومحبتك لهدايتهم.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ولولا أن ثبتناك ) على الحق بعصمتنا ( لقد كدت تركن ) أي : تميل ( إليهم شيئا قليلا ) أي : قريبا من الفعل .فإن قيل : كان النبي صلى الله عليه وسلم معصوما فكيف يجوز أن يقرب مما طلبوه وما طلبوه كفر؟قيل : كان ذلك خاطر قلب ولم يكن عزما وقد غفر الله عز وجل عن حديث النفس .قال قتادة : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول بعد ذلك : " اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين " .والجواب الصحيح هو أن الله تعالى قال : ( ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا ) وقد ثبته الله ولم يركن وهذا مثل قوله تعالى : " ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا " ( النساء - 83 ) [ وقد تفضل فلم يتبعوا ] .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين- سبحانه- بعض مظاهر فضله على نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا.أى: ولولا تثبيتنا إياك- أيها الرسول الكريم- على ما أنت عليه من الحق والصدق، بأن عصمناك من كيدهم لقاربت أن تميل ميلا قليلا، بسبب شدة احتيالهم وخداعهم.قال بعض العلماء: وهذه الآية أوضحت غاية الإيضاح، براءة نبينا صلى الله عليه وسلم من مقاربة الركون إلى الكفار، فضلا عن نفس الركون لأن لَوْلا حرف امتناع لوجود، فمقاربة الركون منعتها لَوْلا الامتناعية لوجود التثبيت من الله- تعالى- لأكرم خلقه صلى الله عليه وسلم فاتضح يقينا انتفاء مقاربة الركون- أى الميل-، فضلا عن الركون نفسه.وهذه الآية تبين ما قبلها، وأنه صلى الله عليه وسلم لم يقارب الركون إليهم مطلقا. لأن قوله:لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا أى: قاربت تركن إليهم، هو عين الممنوع بلو لا الامتناعية .ومما يشهد بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقارب الركون من مقترحات الكافرين، قول ابن عباس- رضى الله عنهما- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معصوما، ولكن هذا تعريف للأمة، لئلا يركن أحد منهم إلى المشركين في شيء من أحكام الله- تعالى- وشرائعه.وعن قتادة أنه قال: لما نزلت هذه الآية، قال النبي صلى الله عليه وسلم «اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين» .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
يخبر تعالى عن تأييد رسوله - صلوات الله عليه وسلامه - وتثبيته ، وعصمته وسلامته من شر الأشرار وكيد الفجار ، وأنه تعالى هو المتولي أمره ونصره ، وأنه لا يكله إلى أحد من خلقه ، بل هو وليه وحافظه وناصره ومؤيده ومظفره ، ومظهر دينه على من عاداه وخالفه وناوأه ، في مشارق الأرض ومغاربها ، صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلاقوله تعالى : ولولا أن ثبتناك أي على الحق وعصمناك من موافقتهم .لقد كدت تركن إليهم أي تميل . شيئا قليلا أي ركونا قليلا .قال قتادة : لما نزلت هذه الآية قال - عليه السلام - : اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين . وقيل : ظاهر الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - وباطنه إخبار عن ثقيف . والمعنى : وإن كادوا ليركنونك ، أي كادوا يخبرون عنك بأنك ملت إلى قولهم ; فنسب فعلهم إليه مجازا واتساعا ; كما تقول لرجل : كدت تقتل نفسك ، أي كاد الناس يقتلونك بسبب ما فعلت ; ذكره المهدوي . وقيل ما كان منه هم بالركون إليهم ، بل المعنى : ولولا فضل الله عليك لكان منك ميل إلى موافقتهم ، ولكن تم فضل الله عليك فلم تفعل ; ذكره القشيري . وقال ابن عباس : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معصوما ، ولكن هذا تعريف للأمة لئلا يركن أحد منهم إلى المشركين في شيء من أحكام الله - تعالى - وشرائعه .
﴿ تفسير الطبري ﴾
يقول تعالى ذكره: ولولا أن ثبَّتناك يا محمد بعصمتنا إياك عما دعاك إليه هؤلاء المشركون من الفتنة ( لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلا ) يقول: لقد كدت تميل إليهم وتطمئنّ شيئا قليلا وذلك ما كان صلى الله عليه وسلم همّ به من أن يفعل بعض الذي كانوا سألوه فعله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر حين نزلت هذه الآية، ما حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا سليمان، قال: ثنا أبو هلال، عن قتادة، في قوله (وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلا) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تكلني إلى نَفْسي طَرْفَةَ عَيْنٍ .