قال الخَضِر لموسى: هذا وقت الفراق بيني وبينك، سأخبرك بما أنكرت عليَّ من أفعالي التي فعلتها، والتي لم تستطع صبرًا على ترك السؤال عنها والإنكار عليَّ فيها.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«قال» له الخضر «هذا فراق» أي وقت فراق «بيني وبينك» فيه إضافة بين إلى غير متعدد سوغها تكريره بالعطف بالواو «سأُنبئك» قبل فراقي لك «بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا».
﴿ تفسير السعدي ﴾
هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ْ فإنك شرطت ذلك على نفسك، فلم يبق الآن عذر، ولا موضع للصحبة، سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ْ أي: سأخبرك بما أنكرت عليَّ، وأنبئك بما لي في ذلك من المآرب، وما يئول إليه الأمر.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( قال ) الخضر : ( هذا فراق بيني وبينك ) يعني هذا وقت فراق بيني وبينك وقيل : هذا الإنكار على ترك الأجر هو المفرق بيننا . وقال الزجاج : معناه هذا فراق بيننا أي فراق اتصالنا وكرر " بين " تأكيدا .( سأنبئك ) أي سوف أخبرك ( بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا ) وفي بعض التفاسير أن موسى أخذ بثوبه فقال : أخبرني بمعنى ما عملت قبل أن تفارقني فقال : ( أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر )
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وكان هذا التحريض من موسى للخضر- عليهما السلام- هو نهاية المرافقة والمصاحبة بينهما، ولذا قال الخضر لموسى: هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ أى: هذا الذي قلته لي، يجعلنا نفترق، لأنك قد قلت لي قبل ذلك: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي وها أنت تسألنى وتحرضنى على أخذ الأجر.ومع ذلك فانتظر: سأنبئك، قبل مفارقتي لك بِتَأْوِيلِ أى: بتفسير وبيان ما خفى عليك من الأمور الثلاثة التي لم تستطع عليها صبرا، لأنك لم يكن عندك ما عندي من العلم بأسرارها الباطنة التي أطلعنى الله- تعالى- عليها.ثم حكى القرآن الكريم ما قاله الخضر لموسى عليهما السلام- في هذا الشأن فقال- تعالى-
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
( قال هذا فراق بيني وبينك ) [ أي : لأنك شرطت عند قتل الغلام أنك إن سألتني عن شيء بعدها فلا تصاحبني ، فهو فراق بيني وبينك ] ، ( ، سأنبئك بتأويل ) أي : بتفسير ( ما لم تستطع عليه صبرا ) .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَفعند ذلك قال له الخضر " هذا فراق بيني وبينك " بحكم ما شرطت على نفسك .وتكريره " بيني وبينك " وعدوله عن بيننا لمعنى التأكيد .قال سيبويه : كما يقال أخزى الله الكاذب مني ومنك ; أي منا .وقال ابن عباس : وكان قول موسى في السفينة والغلام لله , وكان قوله في الجدار لنفسه لطلب شيء من الدنيا , فكان سبب الفراق .وقال وهب بن منبه : كان ذلك الجدار جدارا طوله في السماء مائة ذراع .سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًاتأويل الشيء مآله أي قال له : إني أخبرك لم فعلت ما فعلت .وقيل في تفسير هذه الآيات التي وقعت لموسى مع الخضر : إنها حجة على موسى وعجبا له وذلك أنه لما أنكر أمر خرق السفينة نودي : يا موسى أين كان تدبيرك هذا وأنت في التابوت مطروحا في اليم فلما أنكر أمر الغلام قيل له : أين إنكارك هذا من وكزك القبطي وقضائك عليه فلما أنكر إقامة الجدار نودي : أين هذا من رفعك حجر البئر لبنات شعيب دون أجر .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78)يقول تعالى ذكره: قال صاحب موسى لموسى: هذا الذي قلته وهو قوله (لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا) (فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ) يقول: فرقة ما بيني وبينك: أي مفرق بيني وبينك(سَأُنَبِّئُكَ) يقول: سأخبرك ( بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ) يقول: بما يئول إليه عاقبة أفعالي التي فعلتها، فلم تستطع على تَرك المسألة عنها، وعن النكير علي فيها صبرا، والله أعلم.
﴿ قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا ﴾