قال: إنهم خلفي سوف يلحقون بي، وسبقتُهم إليك - يا ربي - لتزداد عني رضا.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«قال هم أولاء» أي بالقرب مني يأتون «على أثري وعجلت إليك رب لترضى» عني أي زيادة في رضاك وقبل الجواب أتى بالاعتذار حسب ظنه، وتخلف المظنون لما:
﴿ تفسير السعدي ﴾
قال: هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي أي: قريبا مني، وسيصلون في أثري والذي عجلني إليك يا رب طلبا لقربك ومسارعة في رضاك، وشوقا إليك
﴿ تفسير البغوي ﴾
قال مجيبا لربه تعالى : ( هم أولاء على أثري ) أي : هم بالقرب مني يأتون من بعدي ، ( وعجلت إليك رب لترضى ) لتزداد رضا .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
فأجاب موسى معتذرا لربه- تعالى- بقوله: هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي أى: على مقربة منى، وسيلحقون بي بعد زمن قليل وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى أى: وقد حملني على أن أحضر قبلهم، شوقي إلى مكالمتك- يا إلهى- وطمعي في زيادة رضاك عنى.فموسى- عليه السلام- قد علل تقدمه على قومه في الحضور بعلتين: الأولى: أنهم كانوا على مقربة منه. والثانية: حرصه على استدامة رضى ربه عنه.قال صاحب الكشاف: فإن قلت: وَما أَعْجَلَكَ سؤال عن سبب العجلة، فكان الذي ينطبق عليه من الجواب أن يقال: طلب زيادة رضاك أو الشوق في كلامك. وقوله:هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي كما ترى غير منطبق عليه؟.قلت: قد تضمن ما واجهه به رب العزة شيئين: أحدهما: إنكار العجلة في نفسها، والثاني: السؤال عن سببها الحامل عليها، فكان أهم الأمرين إلى موسى بسط العذر، وتمهيد العلة في نفس ما أنكر عليه، فاعتل بأنه لم يوجد منى إلا تقدم يسير، مثله لا يعتد به في العادة، ولا يحتفل به، وليس بيني وبين من سبقته إلا مسافة قريبة، يتقدم بمثلها الوفد رئيسهم ومقدمهم. ثم عقبه بجواب السؤال عن السبب فقال: وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
أي : قادمون ينزلون قريبا من الطور ، ( وعجلت إليك رب لترضى ) أي : لتزداد عني رضا
﴿ تفسير القرطبي ﴾
فقوله : هم أولاء على أثري ليس يريد أنهم يسيرون خلفه متوجهين إليه ، بل أراد أنهم بالقرب مني ينتظرون عودي إليهم . وقيل : لا بل كان أمر هارون بأن يتبع في بني إسرائيل أثره ويلتحقوا به . وقال قوم : أراد بالقوم السبعين الذين اختارهم ، وكان موسى لما قرب من الطور سبقهم شوقا إلى سماع كلام الله . وقيل : لما وفد إلى طور سيناء بالوعد اشتاق إلى ربه وطالت عليه المسافة من شدة الشوق إلى الله تعالى ، فضاق به الأمر شق قميصه ، ثم لم يصبر حتى خلفهم ومضى وحده ؛ فلما وقف في مقامه قال الله تبارك وتعالى : وما أعجلك عن قومك يا موسى فبقي - صلى الله عليه وسلم - متحيرا عن الجواب وكنى عنه بقوله : هم أولاء على أثري وإنما سأله السبب الذي أعجله بقوله : ما فأخبر عن مجيئهم بالأثر . ثم قال : وعجلت إليك رب لترضى فكنى عن ذكر الشوق وصدقه إلى ابتغاء الرضا . ذكر عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله : وعجلت إليك رب لترضى قال : شوقا . وكانت عائشة - رضي الله عنها - إذا آوت إلى فراشها تقول : هاتوا المجيد . فتؤتى بالمصحف فتأخذه في صدرها وتنام معه تتسلى بذلك ؛ رواه سفيان عن مسعر عن عائشة - رضي الله عنها - . وكان - عليه الصلاة والسلام - إذا أمطرت السماء خلع ثيابه وتجرد حتى يصيبه المطر ويقول : إنه حديث عهد بربي فهذا من الرسول - صلى الله عليه وسلم - وممن بعده من قبيل الشوق ؛ ولذلك قال الله تبارك اسمه فيما يروى عنه : طال شوق الأبرار إلى لقائي وأنا إلى لقائهم أشوق . قال ابن عباس : كان الله عالما ولكن قال وما أعجلك عن قومك رحمة لموسى ، وإكراما له بهذا القول ، وتسكينا لقلبه ، ورقة عليه ؛ فقال مجيبا لربه : هم أولاء على أثري . قال أبو حاتم قال عيسى : بنو تميم يقولون : هم أولى مقصورة مرسلة ، وأهل الحجاز يقولون أولاء ممدودة . وحكى الفراء ( هم أولاي على أثري ) وزعم أبو إسحاق الزجاج : أن هذا لا وجه له . قال النحاس وهو كما قال : لأن هذا ليس مما يضاف فيكون مثل هداي . ولا يخلو من إحدى جهتين : إما أن يكون اسما مبهما فإضافته محال ؛ وإما أن يكون بمعنى الذين فلا يضاف أيضا ؛ لأن ما بعده من تمامه وهو معرفة . وقرأ ابن أبي إسحاق ونصر ورويس عن يعقوب ( على إثري ) بكسر الهمزة وإسكان الثاء وهو بمعنى أثر ، لغتان . وعجلت إليك رب لترضى عجلت إلى الموضع الذي أمرتني بالمصير إليه لترضى عني . يقال : رجل عجل وعجل وعجول وعجلان بين العجلة ؛ والعجلة خلاف البطء .
﴿ تفسير الطبري ﴾
( قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي ) يقول: قومي على أثري يلحقون بي ( وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ) يقول وعجلت أنا فسبقتهم ربّ كيما ترضى عني.وإنما قال الله تعالى ذكره لموسى: ما أعجلك عن قومك، لأنه جلّ ثناؤه، فيما بلغنا، حين نجاه وبني إسرائيل من فرعون وقومه، وقطع بهم البحر، وعدهم جانب الطور الأيمن، فتعجل موسى إلى ربه، وأقام هارون في بني إسرائيل يسير بهم على أثر موسى.كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: وعد الله موسى حين أهلك فرعون وقومه ونجاه وقومه، ثلاثين ليلة، ثم أتمها بعشر، فتمّ ميقات ربه أربعين ليلة، تلقاه فيها بما شاء، فاستخلف موسى هارون في بني إسرائيل، ومعه السامريّ، يسير بهم على أثر موسى ليلحقهم به، فلما كلم الله موسى، قال له ( مَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ).كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله ( وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ) قال: لأرضيك.