قال الله لموسى: فإنا قد ابتلينا قومك بعد فراقك إياهم بعبادة العجل، وإن السامري قد أضلهم.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«قال» تعالى «فإنا قد فتنا قومك من بعدك» أي بعد فراقك لهم «وأضلهم السامري» فعبدوا العجل.
﴿ تفسير السعدي ﴾
فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ أي: بعبادتهم للعجل، ابتليناهم، واختبرناهم، فلم يصبروا، وحين وصلت إليهم المحنة، كفروا وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا وصاغه فصار لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا لهم هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فنسيه موسى، فافتتن به بنو إسرائيل، فعبدوه، ونهاهم هارون فلم ينتهوا.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك ) أي : ابتلينا الذين خلفتهم مع هارون ، وكانوا ستمائة ألف ، فافتتنوا بالعجل غير اثني عشر ألفا ( من بعدك ) أي : من بعد انطلاقك إلى الجبل .( وأضلهم السامري ) أي : دعاهم وصرفهم إلى عبادة العجل وأضافه إلى السامري لأنهم ضلوا بسببه .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- تعالى-: قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ إخبار منه- سبحانه- بما فعله قومه بعد مفارقته لهم.وكلمة فَتَنَّا من الفتن ومعناه لغة: وضع الذهب في النار ليتبين أهو خالص أم زائف.والفتنة تطلق في القرآن بإطلاقات متعددة منها: الدخول في النار كما في قوله- تعالى-:يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ. ومنها الحجة كما في قوله- تعالى-: ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ. ومنها: الاختبار والامتحان، كما في قوله- سبحانه-: أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ. ومنها الإضلال والإشراك، كما في قوله- تعالى-: وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وقوله- سبحانه-: وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ...ويبدو أن المراد بالفتنة هذا المعنى الأخير وهو الإضلال والشرك، لأن فتنتهم كانت بسبب عبادتهم للعجل في غيبة موسى- عليه السلام-.ويدل على هذا قوله- تعالى-: وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ ...والسامري: اسم للشخص الذي كان سببا في ضلال بنى إسرائيل، قيل: كان من زعماء بنى إسرائيل وينسب إلى قبيلة تعرف بالسامرة.وقيل: إنه كان من قوم يعبدون البقر، وقيل غير ذلك من أقوال مظنونة غير محققة.أى: قال الله- تعالى- لموسى: فإنا قد أضللنا قومك من بعد مفارقتك لهم، وكان السبب في ضلالهم السامري، حيث دعاهم إلى عبادة العجل فانقادوا له وأطاعوه.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
( قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري ) أخبر تعالى نبيه موسى بما كان بعده من الحدث في بني إسرائيل ، وعبادتهم العجل الذي عمله لهم ذلك السامري . وفي الكتب الإسرائيلية : أنه كان اسمه هارون أيضا ، وكتب الله تعالى له في هذه المدة الألواح المتضمنة للتوراة ، كما قال تعالى : ( وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأريكم دار الفاسقين ) [ الأعراف : 145 ] أي : عاقبة الخارجين عن طاعتي المخالفين لأمري .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : فإنا قد فتنا قومك من بعدك أي اختبرناهم وامتحناهم بأن يستدلوا على الله - عز وجل - . وأضلهم السامري أي دعاهم إلى الضلالة أو هو سببها . وقيل : فتناهم ألقيناهم في الفتنة : أي زينا لهم عبادة العجل ؛ ولهذا قال موسى : إن هي إلا فتنتك . قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : كان السامري من قوم يعبدون البقر ، فوقع بأرض مصر فدخل في دين بني إسرائيل بظاهره ، وفي قلبه ما فيه من عبادة البقر . وقيل : كان رجلا من القبط ، وكان جارا لموسى آمن به وخرج معه . وقيل كان عظيما من عظماء بني إسرائيل ، من قبيلة تعرف بالسامرة وهم معروفون بالشام . قال سعيد بن جبير : كان من أهل كرمان .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85)يقول الله تعالى ذكره قال الله لموسى: فإنا يا موسى قد ابتلينا قومك من بعدك بعبادة العجل، وذلك كان فتنتهم من بعد موسى.ويعني بقوله ( مِنْ بَعْدِكَ ) من بعد فراقك إياهم يقول الله تبارك وتعالى ( وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ ) وكان إضلال السامريّ إياهم دعاءه إياهم إلى عبادة العجل.