إعراب الآية 11 من سورة الحشر - إعراب القرآن الكريم - سورة الحشر : عدد الآيات 24 - - الصفحة 547 - الجزء 28.
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11)
أعقب ذكر ما حلّ ببني النضير وما اتصل به من بيان أسبابه ، ثم بياننِ مصارف فيْئهم وفَيْء ما يُفتح من القرى بعد ذلك ، بذكر أحوال المنافقين مع بني النضير وتغريرهم بالوعود الكاذبة ليعلم المسلمون أن النفاق سجية في أولئك لا يتخلون عنه ولو في جانب قوم هم الذين يودُّون أن يظهروا على المسلمين .
والجملة استئناف ابتدائي والاستفهام مستعمل في التعجيب من حال المنافقين فبني على نفي العلم بحالهم كناية عن التحريض على إيقاع هذا العلم كأنه يقول : تأمَّل الذين نافقوا في حال مقالتهم لإِخوانهم ولا تترك النظر في ذلك فإنه حال عجيب ، وقد تقدم تفصيل معنى : { ألم تر } إلى كذا عند قوله تعالى : { ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم } في سورة [ البقرة : 243 ] .
وجملة يقولون } في موضع المفعول الثاني . والتقدير : ألم تَرَهم قائلين . وجيء بالفعل المضارع لقصد تكرر ذلك منهم ، أي يقولون ذلك مؤكّدينه ومكرِّرينه لا على سبيل البداء أو الخاطر المعدول عنه .
و { الذين نافقوا } المخبر عنهم هنا هم فريق من بني عوف من الخزرج من المنافقين سمي منهم عبد الله بنُ أُبيّ ابنُ سلول ، وعبد الله بن نبتَل ، ورفاعة بن زيد ، ورافعة بن تابوت ، وأوس بن قيظي ، ووديعة بن أبي قوتل ، أو ابن قوقل ، وسويد ( لم يُنسب ) وداعس ( لم ينسب ) ، بَعثوا إلى بني النضير حين حاصر جيش المسلمين بني النضير يقولون لهم : اثبتوا في معاقلكم فإنَّا معكم .
والمراد بإخوانهم بنو النضير وإنما وصفهم بالإِخوة لهم لأنهم كانوا متّحدين في الكفر برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وليست هذه أخوة النسب فإن بني النضير من اليهود ، والمنافقين الذين بَعثوا إليهم من بني عوف من عرب المدينة وأصلهم من الأزد .
وفي وصف إخوانهم ب { الذين كفروا } إيماء إلى أن جانب الأخوة بينهم هو الكفر إلا أن كفر المنافقين كفرُ الشرك وكفر إخوانهم كفر أهل الكتاب وهو الكفر برسالة محمد صلى الله عليه وسلم
ولام { لئن أخرجتم } موطئة للقسم ، أي قالوا لهم كلاماً مؤكداً بالقسم .
وإنما وعدوهم بالخروج معهم ليطمئنُّوا لنصرتهم فهو كناية عن النصر وإلاَّ فإنهم لا يرضون أن يفارقوا بلادهم .
وجملة { ولا نطيع فيكم أحداً } معطوفة على جملة { لئن أخرجتم } فهي من المقول لا من المقسَم عليه ، وقد أُعريت عن المؤكد لأن بني النضير يعلمون أن المنافقين لا يطيعون الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين فكان المنافقون في غنية عن تحقيق هذا الخبر .
ومعنى { فيكم } في شأنكم ، ويعرف هذا بقرينة المقام ، أي في ضركم إذ لا يخطر بالبال أنهم لا يطيعُون من يَدعوهم إلى موالاة إخوانهم ، ويقدر المضاف في مثل هذا بما يناسب المقام . ونظيره قوله تعالى : { فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم ، } [ المائدة : 52 ] أي في الموالاة لهم . ومعنى { لننصرنكم } لنعيننكم في القتال . والنصر يطلق على الإِعانة على المعادي . وقد أعلم الله رسوله صلى الله عليه وسلم بأنهم كاذبون في ذلك بعد ما أعلمه بما أقسموا عليه تطميناً لخاطره لأن الآية نزلت بعد إجْلاء بني النضير وقبل غزو قريظة لئلا يتوجس الرسول صلى الله عليه وسلم خِيفة من بأس المنافقين ، وسمى الله الخبر شهادة لأنه خبر عن يقين بمنزلة الشهادة التي لا يتجازف المخبر في شأنها .
المصدر : إعراب : ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب