القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

إعراب الآية 71 سورة مريم - وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا

سورة مريم الآية رقم 71 : إعراب الدعاس

إعراب الآية 71 من سورة مريم - إعراب القرآن الكريم - سورة مريم : عدد الآيات 98 - - الصفحة 310 - الجزء 16.

﴿ وَإِن مِّنكُمۡ إِلَّا وَارِدُهَاۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتۡمٗا مَّقۡضِيّٗا ﴾
[ مريم: 71]

﴿ إعراب: وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ﴾


الصور البلاغية و المعاني الإعرابية للآية 71 - سورة مريم

﴿ تفسير التحرير و التنوير - الطاهر ابن عاشور ﴾

وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) لمّا ذكر انتزاع الذين هم أولى بالنّار من بقية طوائف الكفر عطف عليه أنّ جميع طوائف الشرك يدخلون النار ، دفعاً لتوهم أنّ انتزاع من هو أشد على الرحمان عتياً هو قصارى ما ينال تلك الطوائف من العذاب؛ بأن يحسبوا أنّ كبراءهم يكونون فداء لهم من النّار أو نحو ذلك ، أي وذلك الانتزاع لا يصرف بقية الشيع عن النّار فإن الله أوجب على جميعهم النّار .

وهذه الجملة معترضة بين جملة { فوربك لنحشرنهم } [ مريم : 68 ] الخ وجملة { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا } [ مريم : 73 ] الخ . . .

فالخطاب في { وإن منكم } التفات عن الغيبة في قوله { لنحشرنّهم ولنحضرنّهم } [ مريم : 68 ] ؛ عدل عن الغيبة إلى الخطاب ارتقاء في المواجهة بالتهديد حتى لا يبقى مجال للالتباس المراد من ضمير الغيبة فإن ضمير الخطاب أعرَف من ضمير الغيبة . ومقتضى الظاهر أن يقال : وإن منهم إلا واردها . وعن ابن عبّاس أنّه كان يقرأ { وإن منهم . وكذلك قرأ عِكرمة وجماعة .

فالمعنى : وما منكم أحد ممن نُزع من كلّ شيعة وغيرِه إلاّ واردُ جهنّم حتماً قضاه الله فلا مبدل لكلماته ، أي فلا تحسبوا أن تنفعكم شفاعتهم أو تمنعكم عزّة شِيعكم ، أو تُلقون التبعة على سادتكم وعظماء أهل ضلالكم ، أو يكونون فداء عنكم من النّار . وهذا نظير قوله تعالى : { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين } [ الحجر : 42 ، 43 ] ، أي الغاوين وغيرهم .

وحرف ( إنْ ) للنفي .

والورود : حقيقته الوصول إلى الماء للاستقاء . ويطلق على الوصول مطلقاً مجازاً شائعاً ، وأما إطلاق الورود على الدخول فلا يُعرف إلا أن يكون مجازاً غير مشهور فلا بد له من قرينة .

وجملة { ثمّ ننجي الذين اتّقوا } زيادة في الارتقاء بالوعيد بأنّهم خالدون في العذاب ، فليس ورودهم النّار بموقّت بأجل .

و { ثمّ } للترتيب الرتبي تنويهاً بإنجاء الذين اتّقوا وتشويهاً بحال الذين يبقون في جهنم جُثيّاً . فالمعنى : وعلاوة على ذلك ننجي الذين اتّقوا من ورود جهنم . وليس المعنى : ثمّ ينجي المتقين من بينهم بل المعنى أنهم نَجَوْا من الورود إلى النّار . وذكر إنجاء المتقين : أي المؤمنين ، إدماج ببشارة المؤمنين في أثناء وعيد المشركين .

وجملة { ونذر الظالمين فيها جثياً } عطف على جملة { وإن منكم إلاّ واردها }. والظالمون : المشركون .

والتعبير بالّذين ظلموا إظهار في مقام الإضمار . والأصل : ونذركم أيها الظالمون .

ونذر : نترك ، وهو مضارع ليس له ماض من لفظه ، أمات العرب ماضي ( نذر ) استغناء عنه بماضي ( ترك ) ، كما تقدّم عند قوله تعالى : { ثم ذرهم في خوضهم يلعبون } في سورة الأنعام ( 91 ).

فليس الخطاب في قوله وإن منكم إلاّ واردها } لجميع النّاس مؤمنهم وكافِرِهم على معنى ابتداء كلام؛ بحيث يقتضي أن المؤمنين يردون النّار مع الكافرين ثم يُنْجوَن من عذابها ، لأنّ هذا معنى ثقيل ينبو عنه السياق ، إذ لا مناسبة بينه وبين سياق الآيات السابقة ، ولأنّ فضل الله على المؤمنين بالجنّة وتشريفهم بالمنازل الرفيعة ينافي أن يسوقهم مع المشركين مَساقاً واحداً ، كيف وقد صُدّر الكلام بقوله

{ فوربك لنحشرنهم والشياطين } [ مريم : 68 ] وقال تعالى : { يوم نحشر المتقين إلى الرحمان وفداً ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً } [ مريم : 85 ، 86 ] ، وهو صريح في اختلاف حشر الفريقين .

فموقع هذه الآية هنا كموقع قوله تعالى : { وإن جهنم لموعدهم أجمعين } [ الحجر : 43 ] عقب قوله { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين } [ الحجر : 42 ]. فلا يتوهم أن جهنّم موعد عباد الله المخلصين مع تقدّم ذكره لأنّه ينبو عنه مقام الثناء .

وهذه الآية مثار إشكال ومحطّ قيل وقال؛ واتفق جميع المفسرين على أن المتّقين لا تنالهم نار جهنّم ، واختلفوا في محل الآية فمنهم من جعل ضمير { منكُم } لجميع المخاطبين بالقرآن ، ورووه عن بعض السلف فصدمَهم فساد المعنى ومنافاة حكمة الله والأدلّة الدالة على سلامة المؤمنين يومئذ من لقاء أدنى عذاب ، فسلكوا مسالك من التّأويل ، فمنهم من تأوّل الورود بالمرور المجرد دون أن يمس المؤمنين أذى ، وهذا بُعد عن الاستعمال ، فإن الورود إنما يراد به حصول ما هو مودع في المَورد لأنّ أصله من وُرود الحوض . وفي آي القرآن ما جاء إلاّ لمعنى المصير إلى النّار كقوله تعالى : { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها } [ الأنبياء : 98 ، 99 ] وقوله { يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود } [ هود : 98 ] وقوله { ونسوق المجرمين إلى جهنم وِرداً } [ مريم : 86 ]. على أن إيراد المؤمنين إلى النّار لا جدوى له فيكون عبثاً ، ولا اعتداد بما ذكره له الفخر ممّا سمّاه فوائد .

ومنهم من تأوّل ورود جهنّم بمرورالصراط ، وهو جسر على جهنّم ، فساقوا الأخبار المروية في مرور الناس على الصراط متفاوتين في سُرعة الاجتياز . وهذا أقل بُعداً من الذي قبله .

وروى الطبري وابن كثير في هذين المحملين أحاديث لا تخرج عن مرتبة الضعف مما رواه أحمد في «مسنده» والحكيمُ التّرمذي في «نوادر الأصول» . وأصح ما في الباب ما رواه أبو عيسى الترمذي قال : «يرد النّاس النّار ثمّ يصدرون عنها بأعمالهم» الحديث في مرور الصراط .

ومن النّاس من لفق تعضيداً لذلك بالحديث الصحيح : أنه «لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فيلج النّار إلاّ تَحلة القسم» فتأول تحلة القسم بأنها ما في هذه الآية من قوله تعالى : { وإن منكم إلاَّ واردها } وهذا محمل باطل ، إذ ليس في هذه الآية قسم يتحلل ، وإنّما معنى الحديث : إن من استحق عذاباً من المؤمنين لأجل معاص فإذا كان قد مات له ثلاثة من الولد كانوا كفارة له فلا يلج النّار إلاّ ولوجاً قليلاً يشبه ما يفعل لأجل تحلة القسم ، أي التحلل منه . وذلك أن المقسم على شيء إذا صعب عليه بر قسمه أخذ بأقل ما يتحقق فيه ما حلف عليه ، فقوله «تحلة القسم» تمثيل .

ويروى عن بعض السلف روايات أنّهم تخوفوا من ظاهر هذه الآية ، من ذلك ما نقل عن عبد الله بن رواحة ، وعن الحسن البصري ، وهو من الوقوف في موقف الخوف من شيء محتمل .

وذكر فعل { نَذَرُ } هنا دون غيره للإشعار بالتحقير ، أي نتركهم في النار لا نعبأ بهم ، لأن في فعل الترك معنى الإهمال .

والحتم : أصله مصدر حتمه إذ جعله لازماً ، وهو هنا بمعنى المفعول ، أي محتوماً على الكافرين ، والمقضي : المحكوم به . وجُثِيّ تقدم .

وقرأ الجمهور

قراءة سورة مريم

المصدر : إعراب : وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا