﴿ إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ أي: إنما يصدر افتراه الكذب من الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ كالمعاندين لرسوله من بعد ما جاءتهم البينات، وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ أي: الكذب منحصر فيهم وعليهم أولى بأن يطلق من غيرهم. وأما محمد صلى الله عليه وسلم المؤمن بآيات الله الخاضع لربه فمحال أن يكذب على الله ويتقول عليه ما لم يقل، فأعداؤه رموه بالكذب الذي هو وصفهم، فأظهر الله خزيهم وبين فضائحهم، فله تعالى الحمد.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين- سبحانه- أن افتراء الكذب لا يصدر عن المؤمنين فضلا عن الرسول الأمين، وإنما يصدر عن الكافرين فقال- تعالى-: إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ أى: يختلقه ويخترعه الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ الدالة على وحدانيته وعلى وجوب إخلاص العبادة له، وعلى صدق رسله، وعلى صحة البعث يوم القيامة، لأن عدم إيمانهم بذلك يجعلهم لا يخافون عقابا، ولا يرجون ثوابا. وَأُولئِكَ الكافرون بما يجب الإيمان به هُمُ الْكاذِبُونَ في قولهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما يعلمه بشر، وفي قولهم إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ وفي غير ذلك من أقوالهم الباطلة، التي حاربوا بها دعوة الحق.قال بعض العلماء: ولا يخفى ما في الحصر بعد القصر من العناية بمقامه- صلوات الله عليه-، وقد كان أصدق الناس وأبرهم.. بحيث كانوا يلقبونه بالصادق الأمين.ولهذا لما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان فقال له- من بين ما قال-: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال: لا. فقال هرقل: ما كان ليدع الكذب على الناس، ويكذب على الله- تعالى-.وفي هذه الآية دلالة على أن الكذب من أكبر الكبائر، وأفحش الفواحش. والدليل عليه أن كلمة «إنما» للحصر.وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له: هل يكذب المؤمن؟ قال: «لا، ثم قرأ هذه الآية .ثم بين- سبحانه- بعد ذلك حكم من أكره على النطق بكلمة الكفر، وحكم من استحب الكفر على الإيمان فقال- تعالى-:
﴿ تفسير البغوي ﴾
فقال : ( إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون ) لا محمد صلى الله عليه وسلم .فإن قيل : قد قال : " إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون " ، فما معنى قوله " وأولئك هم الكاذبون " ؟ قيل : " إنما يفتري الكذب " : إخبار عن فعلهم ، " هم الكاذبون " نعت لازم لهم ، كقول الرجل لغيره : كذبت وأنت كاذب ، أي : كذبت في هذا القول ، ومن عادتك الكذب .أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد الجوهري ، أخبرنا جدي أبو بكر محمد بن عمر بن حفص ، حدثنا أبو بكر محمد بن الفرج الأزرق ، حدثنا سعيد بن عبد الحميد بن جعفر ، حدثنا يعلى بن الأشدق ، عن عبد الله بن جراد قال قلت : يا رسول الله المؤمن يزني؟ قال : قد يكون ذلك ، قال قلت : المؤمن يسرق؟ قال : قد يكون ذلك ، قلت المؤمن يكذب؟ قال : لا " . قال الله : " إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله " .