﴿ واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
ثم أمر رسوله بالصبر على دعوة الخلق إلى الله والاستعانة بالله على ذلك وعدم الاتكال على النفس فقال: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ هو الذي يعينك عليه ويثبتك. وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ إذا دعوتهم فلم تر منهم قبولا لدعوتك، فإن الحزن لا يجدي عليك شيئا. وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ أي: شدة وحرج مِمَّا يَمْكُرُونَ فإن مكرهم عائد إليهم وأنت من المتقين المحسنين.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم أمر- سبحانه- بالصبر أمرا صريحا، بعد أن بين حسن عاقبته فقال: وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ....أى:: واصبر- أيها الرسول الكريم- على أذى قومك، وما صبرك في حال من الأحوال بمؤت ثماره المرجوة منه إلا بتوفيق الله- تعالى- لك، وبتثبيته إياك، وما دام الأمر كذلك فالجأ إليه وحده، واستعن به- سبحانه- في كل أمورك، فالاستثناء مفرغ من أعم الأحوال.ثم نهاه- سبحانه- عن الحزن بسبب كفر الكافرين، فإن الهداية والإضلال بقدرة الله وحده فقال- تعالى-: وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ.أى ولا تحزن بسبب كفر الكافرين، وإصرارهم على ذلك، وإعراضهم عن دعوتك، ولا يضق صدرك بمكرهم، فإن الله- تعالى- ناصرك عليهم، ومنجيك من شرورهم.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( واصبر وما صبرك إلا بالله ) أي : بمعونة الله وتوفيقه ، ( ولا تحزن عليهم ) في إعراضهم عنك ، ( ولا تك في ضيق مما يمكرون ) أي : فيما فعلوا من الأفاعيل .قرأ ابن كثير هاهنا وفي النمل ( ضيق ) بكسر الضاد وقرأ الآخرون بفتح الضاد ، قال أهل الكوفة : هما لغتان مثل رطل ورطل .وقال أبو عمرو : " الضيق " بالفتح : الغم ، وبالكسر : الشدة .وقال أبو عبيدة : " الضيق " بالكسر في قلة المعاش وفي المساكن ، فأما ما كان في القلب والصدر فإنه بالفتح .وقال ابن قتيبة : الضيق تخفيف ضيق مثل هين وهين ، ولين ولين ، فعلى هذا هو صفة ، كأنه قال : ولا تكن في أمر ضيق من مكرهم .