﴿ إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
إذًا لو ركنت إليهم بما يهوون لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات أي لأصبناك بعذاب مضاعف ، في الحياة الدنيا والآخرة ، وذلك لكمال نعمة الله عليك ، وكمال معرفتك. ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ينقذك مما يحل بك من العذاب، ولكن الله تعالى عصمك من أسباب الشر، ومن البشر فثبتك وهداك الصراط المستقيم، ولم تركن إليهم بوجه من الوجوه، فله عليك أتم نعمة وأبلغ منحة.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين- سبحانه- ما كان سيترتب على الركون إليهم- على سبيل الفرض من عقاب فقال- تعالى-: إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ، ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً.والضعف: عبارة عن أن يضم إلى شيء مثله.أى: لو قاربت- أيها الرسول الكريم- أن تركن إليهم أقل ركون، أو تميل إليهم أدنى ميل، لأنزلنا بك عذابا مضاعفا في الدنيا وعذابا مضاعفا في الآخرة، ثم لا تجد لك بعد ذلك نصيرا ينصرك علينا، أو ظهيرا يدفع عنك عذابنا، أو يحميك منه، كما قال- تعالى-:وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ. لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ.والسبب في تضعيف العذاب، أن الخطأ يعظم بمقدار عظم صاحبه، ويصغر بمقدار صغره، ورحم الله القائل:وكبائر الرجل الصغير صغائر ... وصغائر الرجل الكبير كبائروالرسول صلى الله عليه وسلم هو أعظم الخلق على الإطلاق، لذا توعده الله- تعالى- بمضاعفة العذاب، لو ركن إلى المشركين أدنى ركون.وقريب من هذا المعنى قوله- تعالى- يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ، وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً .قال صاحب الكشاف: وفي ذكر الكيدودة وتقليلها، مع إتباعها الوعيد الشديد بالعذاب المضاعف في الدارين، دليل بين على أن القبيح يعظم قبحه بمقدار عظم شأن فاعله وارتفاع منزلته، وفيه دليل على أن أدنى مداهنه للغواة، مضادة لله وخروج عن ولايته، وسبب موجب لغضبه ونكاله. فعلى المؤمن إذا تلا هذه الآيات أن يجثو عندها ويتدبرها فهي جديرة بالتدبر وبأن يستشعر الناظر فيها الخشية وازدياد التصلب في دين الله .
﴿ تفسير البغوي ﴾
( إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ) أي : لو فعلت ذلك لأذقناك ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات يعني : أضعفنا لك العذاب في الدنيا والآخرة .وقيل : " الضعف " : هو العذاب سمي ضعفا لتضاعف الألم فيه .( ثم لا تجد لك علينا نصيرا ) أي : ناصرا يمنعك من عذابنا .