﴿ فأتت به قومها تحمله قالوا يامريم لقد جئت شيئا فريا ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
أي: فلما تعلت مريم من نفاسها، أتت بعيسى قومها تحمله، وذلك لعلمها ببراءة نفسها وطهارتها، فأتت غير مبالية ولا مكترثة، فقالوا: لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فًريًّا ْ أي: عظيما وخيما، وأرادوا بذلك البغاء حاشاها من ذلك.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- سبحانه-: فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ ... معطوف على كلام محذوف يفهم من سياق القصة.والتقدير: وبعد أن استمعت مريم إلى ما قاله لها ابنها عيسى- عليه السلام- اطمأنت نفسها، وقرت عينها، فأتت به أى بمولودها عيسى إلى قومها. وهي تحمله معها من المكان القصي الذي اعتزلت فيه قومها.قال الآلوسى: أى: جاءتهم مع ولدها حاملة إياه، على أن الباء للمصاحبة. وجملة تَحْمِلُهُ في موضع الحال من ضمير مريم ... وكان هذا المجيء على ما أخرج سعيد بن منصور، وابن عساكر عن ابن عباس بعد أربعين يوما حين طهرت من نفاسها ...وظاهر الآية والأخبار «أنها جاءتهم به من غير طلب منهم..» .ثم حكى- سبحانه- ما قاله قومها عند ما رأوها ومعها وليدها فقال: قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا.أى: قالوا لها على سبيل الإنكار: يا مريم لقد جئت أى فعلت شيئا منكرا عجيبا في بابه، حيث أتيت بولد من غير زوج نعرفه لك.والفري: مأخوذ من فريت الجلد إذا قطعته، أى: شيئا قاطعا وخارقا للعادة، ومرادهم:أنها أتت بولدها عن طريق غير شرعي، كما قال- تعالى- في آية أخرى: وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً.ويدل على أن مرادهم هذا، قولهم بعد ذلك: يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( فأتت به قومها تحمله ) قيل : إنها ولدته ، ثم حملته في الحال إلى قومها .وقال الكلبي : حمل يوسف النجار مريم وابنها عيسى [ عليهما السلام ] إلى غار ، ومكثت أربعين يوما حتى طهرت من نفاسها ثم حملته مريم عليها السلام إلى قومها . فكلمها عيسى عليه السلام في الطريق فقال : يا أماه أبشري فإني عبد الله ومسيحه ، فلما دخلت على أهلها ومعها الصبي بكوا وحزنوا ، وكانوا أهل بيت صالحين ( ( قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا ) عظيما منكرا ، قال أبو عبيدة : كل أمر فائق من عجب أو عمل فهو فريقال النبي صلى الله عليه وسلم في عمر : " فلم أر عبقريا يفري فريه " أي : يعمل عمله .